قطاع السياحة في اليونان يواجه أزمة عمالة رغم الأرباح القياسية

قطاع السياحة في اليونان يواجه أزمة عمالة رغم الأرباح القياسية
السياحة في اليونان - أرشيف

في قلب صيف يوناني مزدحم بالسياح وأرباح السياحة المتزايدة، تواجه الفنادق والمطاعم أزمة متفاقمة بسبب نقص الأيدي العاملة، وسط شكاوى متكررة من ظروف العمل غير الإنسانية وانخفاض الأجور، ما يدفع العديد من الشباب المحليين إلى مغادرة وظائفهم، حتى في ذروة الموسم السياحي.

لم تصمد كاترينا، طالبة السياحة في جامعة سالونيكي، سوى شهر واحد في وظيفتها بأحد فنادق الخمس نجوم في منطقة خالكيذيكي السياحية، قبل أن تستقيل احتجاجًا على ما وصفته بـ"الاستغلال الوظيفي وسوء المعاملة"، بحسب ما ذكرت وكالة “فرانس برس”، اليوم السبت.

قالت الشابة البالغة 22 عامًا: "طُلب مني العمل في أقسام عدة، من التسويق إلى التنظيف، ولم نكن نحصل على الحد الأدنى من الكرامة في سكن الموظفين: غرفة بدون تكييف، ومكتظة بثمانية أشخاص، ومن دون غسالة ملابس".

ورغم أن راتبها بلغ 1100 يورو شهريًا، فإن ساعات العمل الطويلة، والضغط المستمر، والافتقار إلى مرافق أساسية للسكن، دفعها إلى مغادرة الوظيفة، في تجربة تعكس حال مئات العاملين الموسميين في هذا القطاع.

54 ألف وظيفة شاغرة

في عام 2024، استقبلت اليونان أكثر من 36 مليون سائح، وسجلت السياحة دخلاً تجاوز 30.2 مليار يورو، أي ما يعادل 13% من الناتج المحلي الإجمالي، حسب معهد أبحاث الاتحاد اليوناني للسياحة.

لكن خلف هذه الأرقام البراقة، يُظهر الواقع نقصًا حادًا في العمالة الموسمية. فقد بقيت 54 ألف وظيفة شاغرة في قطاع الفنادق من أصل 278 ألف وظيفة العام الماضي، ويتوقع أن يتكرر السيناريو هذا العام.

ماركوس كيسيديس، صاحب حانة شاطئية وفندق صغير في خالكيذيكي، عبّر عن الإحباط قائلًا: "حتى نحن المالكون نضطر إلى خدمة الزبائن بأنفسنا. أحتاج إلى 20 عاملاً في الموسم، واليوم بالكاد أجد نصفهم".

توظيف الأجانب واللاجئين

أمام النقص المحلي، يسعى أرباب العمل لتوظيف عمال أجانب، خصوصًا من خارج الاتحاد الأوروبي. 

وتشير بيانات معهد السياحة إلى أن 46% من أصحاب الفنادق يخططون لتوظيف أكثر من 28 ألف موظف أجنبي هذا العام، لا سيما في الوظائف التي لا تتطلب مهارات عالية كالتدبير المنزلي وغسل الصحون.

وتم اللجوء إلى مراكز إيواء اللاجئين لتوظيف المقيمين هناك،  لكن، وفق غريغوريس تاسيوس، رئيس جمعية الفنادق في خالكيذيكي، فإن المبادرة لم تحقق نتائج كبيرة: "من أصل 110 لاجئين وافقوا على العمل، بقي منهم فقط 10 في وظائفهم. البقية انسحبوا خوفًا من فقدان مأوى الإقامة بعد انتهاء الموسم".

عزوف الشباب اليوناني

بحسب شهادات العاملين، لم تعد وظائف السياحة جذابة للشباب اليوناني، رغم ارتفاع الطلب، ويرجع ذلك إلى: انخفاض الأجور مقارنة بساعات العمل الطويلة، غياب الإجازات والضمانات الاجتماعية، ظروف سكن غير ملائمة، ونظرة سلبية لوظائف الخدمة في ظل غياب الاستقرار المهني.

في جزيرة سانتوريني، واحدة من أكثر الوجهات شعبية في بحر إيجة، تقول ماريا أنغيلي، العاملة في فندق فاخر: "لدينا 70 موظفًا، 14 فقط منهم يونانيون. البقية من دول إفريقية وآسيوية، لأن اليونانيين لم يعودوا يرغبون بهذه الوظائف".

قطاع المطاعم يعاني

تعاني المطاعم أزمة مشابهة، حيث تنتشر لافتات "مطلوب موظفون" و"نحتاج نادلين فورًا" على واجهات المحال. ويفسر أصحاب المطاعم هذا النقص بعزوف الشباب عن هذه الأعمال الموسمية التي لا توفر أفقًا طويل الأجل أو بيئة عمل لائقة.

ورغم الأرقام القياسية التي تسجلها السياحة سنويًا، يبقى التحدي الأبرز هو إعادة تأهيل ظروف العمل في القطاع السياحي، وتحقيق توازن بين الربحية والعدالة الاجتماعية للعاملين.

وتشير كونستانتينا سفينو، رئيسة معهد أبحاث السياحة، إلى أن "النقص في اليد العاملة سيستمر طالما استمرت هذه المعادلة المختلة بين الربح والتهميش المهني".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية